أمر مؤلم وباعث على القلق أن صرنا مؤخراً لا يكاد يمر بنا يوم إلا ونقرأ فيه خبراً جديداً عن حادثة اختطاف واغتصاب يقع ضحايا لها الأطفال والفتيات والأحداث من الفتيان في كل مناطق المملكة بلا استثناء.
إنها مأساة أن نتحول بهذه الصورة إلى مجتمع كتلك المجتمعات التي تغصّ بالجرائم العلنية التي تقع في وضح النهار تحت تهديد السلاح.
لقد تحدث كثيرون عن تلك الجرائم وأشبعوها نقاشاً وتحليلاً وتفسيراً، فنسبها بعضهم إلى انتشار المخدرات وإلى استفحال البطالة والفراغ، ونسبها بعضهم إلى الفضائيات وما فيها من إثارة للغرائز، وإلى انحسار التربية الأخلاقية والقيم الدينية التي تصون المرء من الانحدار الخلقي، كما نسبها البعض الاخر إلى تعذر الزواج بالنسبة لبعض الشباب بسبب العوائق الاقتصادية التي يُعاني منها الناس، وغير ذلك من التبريرات التي ترمي إلى الربط بين تلك العوامل وظهور الجرائم الأخلاقية في المجتمع على أنها نتيجة طبيعية لها. وقد يكون في هذا القول بعض الصحة، إلا أن تطهير المجتمع من الجرائم، لا ينبغي أن يرتكز فيه فقط على معالجة العوامل المؤدية إليها، خاصة عندما تكون تلك العوامل خاضعة لسيطرة الإنسان عليها، وتقع في نطاق القدرة البشرية على التحكم فيها كما هو الحال في ما ذكر من أسباب تدفع بالشباب إلى ارتكاب الجرائم الأخلاقية. حقاً إننا بشر خلق الله فينا الغرائز وجعل لها قوة علينا، لكنه أيضاً خلق لنا العقل الذي به نميّز الصواب من الضلال، ومنحنا الإرادة التي ننفذ بها ما يُمليه علينا العقل، ويتوقع أن تقوم تلك الإرادة بضبط السلوك وكبح جماح الغرائز والشهوات. لكن الناس يتفاوتون في قدرتهم على الانتفاع بما عندهم من إرادة، فقوة الإرادة تقوى عند البعض وتضعف عند البعض الآخر، وهؤلاء الذين تضعف عندهم قوة الإرادة في حاجة إلى قوة ردع خارجية تعينهم على تقوية إرادتهم لتقوم كما ينبغي بضبط غرائزهم. وتتمثل قوة الردع الخارجية في معرفتهم ما ينتظرهم من عقوبات غليظة إن هم انساقوا وراء الغرائز والشهوات، وكلما زادت غلظة العقوبة كانت قوة الردع بالنسبة لهم أكبر.
عندما تفجرت في مدينة القطيف جريمة خطف سبعة من الرجال لفتاة وفتى واغتصابهما تحت تهديد السلاح، توقع الناس أن يحل بالخاطفين عقوبة غليظة لا تقل عن التعزير بالقتل، فخطف الناس من الطرقات بقوة السلاح وانتهاك أعراضهم هو من الإفساد في الأرض الذي يستحق التعزير بالقتل، إلا أن الأحكام التي صدرت ضد أولئك المجرمين كانت أخف من ذلك بكثير، حيث اقتصرت على السجن والجلد. ولا يغيب عن الذهن أنه قد تكون هناك حيثيات ومبررات وملابسات أحاطت بالجريمة عرفتها المحكمة وأدت إلى تخفيف العقوبة، لكن الناس لا يعلمون ذلك. الناس يعرفون بشاعة الجرم الذي وقع، وما صدر ضده من عقوبة بدت لهم خفيفة غير مكافئة للجرم، فشاع بينهم الظن بتساهل المحاكم في إصدار العقوبات ضد تلك الجرائم، وهو أمر خطير متى شاع بين الناس، يُؤدي إلى زيادة جرأة البعض على ارتكاب الجريمة، خاصة أولئك الذين اعتادوا السجن واعتادوا الجلد فما تعود أحكام السجن والجلد تعني لهم شيئاً. إن المعني هنا بالدرجة الأولى هي الصحف التي تنشر الأخبار مبتورة فلا تطلع الناس على الحقيقة كاملة، فالناس ليس لهم سوى الظاهر، والظاهر يقول إن الجريمة في غاية البشاعة وإن العقوبة التي أنزلت بمرتكبيها عقوبة خفيفة، وكان حرياً بالصحف أن تنشر تفاصيل الحكم وتبين مُبرراته ولِمَ صدر مُخففاً، ليس فقط ليطمئن الناس إلى أن لا تساهل مع المجرمين، وإنما أيضاً ليتحقق الردع المطلوب من إشهار العقوبات، أما إعلان العقوبة في صورتها المخففة دون توضيح للأسباب، فإنه لا يفيد شيئاً، بل قد يزيد الأمر سوءاً حيث يُصاب البعض بالغضب لما يبدو له تساهلاً في الحكم، ويجد فيه البعض الاخر ما يمدّه بجرأة أكبر على ممارسة أهوائه وانحرافاته.
ص.ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382
إنها مأساة أن نتحول بهذه الصورة إلى مجتمع كتلك المجتمعات التي تغصّ بالجرائم العلنية التي تقع في وضح النهار تحت تهديد السلاح.
لقد تحدث كثيرون عن تلك الجرائم وأشبعوها نقاشاً وتحليلاً وتفسيراً، فنسبها بعضهم إلى انتشار المخدرات وإلى استفحال البطالة والفراغ، ونسبها بعضهم إلى الفضائيات وما فيها من إثارة للغرائز، وإلى انحسار التربية الأخلاقية والقيم الدينية التي تصون المرء من الانحدار الخلقي، كما نسبها البعض الاخر إلى تعذر الزواج بالنسبة لبعض الشباب بسبب العوائق الاقتصادية التي يُعاني منها الناس، وغير ذلك من التبريرات التي ترمي إلى الربط بين تلك العوامل وظهور الجرائم الأخلاقية في المجتمع على أنها نتيجة طبيعية لها. وقد يكون في هذا القول بعض الصحة، إلا أن تطهير المجتمع من الجرائم، لا ينبغي أن يرتكز فيه فقط على معالجة العوامل المؤدية إليها، خاصة عندما تكون تلك العوامل خاضعة لسيطرة الإنسان عليها، وتقع في نطاق القدرة البشرية على التحكم فيها كما هو الحال في ما ذكر من أسباب تدفع بالشباب إلى ارتكاب الجرائم الأخلاقية. حقاً إننا بشر خلق الله فينا الغرائز وجعل لها قوة علينا، لكنه أيضاً خلق لنا العقل الذي به نميّز الصواب من الضلال، ومنحنا الإرادة التي ننفذ بها ما يُمليه علينا العقل، ويتوقع أن تقوم تلك الإرادة بضبط السلوك وكبح جماح الغرائز والشهوات. لكن الناس يتفاوتون في قدرتهم على الانتفاع بما عندهم من إرادة، فقوة الإرادة تقوى عند البعض وتضعف عند البعض الآخر، وهؤلاء الذين تضعف عندهم قوة الإرادة في حاجة إلى قوة ردع خارجية تعينهم على تقوية إرادتهم لتقوم كما ينبغي بضبط غرائزهم. وتتمثل قوة الردع الخارجية في معرفتهم ما ينتظرهم من عقوبات غليظة إن هم انساقوا وراء الغرائز والشهوات، وكلما زادت غلظة العقوبة كانت قوة الردع بالنسبة لهم أكبر.
عندما تفجرت في مدينة القطيف جريمة خطف سبعة من الرجال لفتاة وفتى واغتصابهما تحت تهديد السلاح، توقع الناس أن يحل بالخاطفين عقوبة غليظة لا تقل عن التعزير بالقتل، فخطف الناس من الطرقات بقوة السلاح وانتهاك أعراضهم هو من الإفساد في الأرض الذي يستحق التعزير بالقتل، إلا أن الأحكام التي صدرت ضد أولئك المجرمين كانت أخف من ذلك بكثير، حيث اقتصرت على السجن والجلد. ولا يغيب عن الذهن أنه قد تكون هناك حيثيات ومبررات وملابسات أحاطت بالجريمة عرفتها المحكمة وأدت إلى تخفيف العقوبة، لكن الناس لا يعلمون ذلك. الناس يعرفون بشاعة الجرم الذي وقع، وما صدر ضده من عقوبة بدت لهم خفيفة غير مكافئة للجرم، فشاع بينهم الظن بتساهل المحاكم في إصدار العقوبات ضد تلك الجرائم، وهو أمر خطير متى شاع بين الناس، يُؤدي إلى زيادة جرأة البعض على ارتكاب الجريمة، خاصة أولئك الذين اعتادوا السجن واعتادوا الجلد فما تعود أحكام السجن والجلد تعني لهم شيئاً. إن المعني هنا بالدرجة الأولى هي الصحف التي تنشر الأخبار مبتورة فلا تطلع الناس على الحقيقة كاملة، فالناس ليس لهم سوى الظاهر، والظاهر يقول إن الجريمة في غاية البشاعة وإن العقوبة التي أنزلت بمرتكبيها عقوبة خفيفة، وكان حرياً بالصحف أن تنشر تفاصيل الحكم وتبين مُبرراته ولِمَ صدر مُخففاً، ليس فقط ليطمئن الناس إلى أن لا تساهل مع المجرمين، وإنما أيضاً ليتحقق الردع المطلوب من إشهار العقوبات، أما إعلان العقوبة في صورتها المخففة دون توضيح للأسباب، فإنه لا يفيد شيئاً، بل قد يزيد الأمر سوءاً حيث يُصاب البعض بالغضب لما يبدو له تساهلاً في الحكم، ويجد فيه البعض الاخر ما يمدّه بجرأة أكبر على ممارسة أهوائه وانحرافاته.
ص.ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382